لم تكن ظهيرة الدوحة عابرة ولا عادية.
كانت ظهيرة تشبه الحمل على الصدر، تشبه تلك اللحظات التي تُختبر فيها إرادة المنتخبات وقلوب الجماهير في آن واحد.
عند الساعة الثالثة عصرًا، انطلقت صافرة مباراة اليمن وعُمان، ومعها بدأت قصة حزينة تُكتب سطرًا بعد آخر، حتى انتهت بمرارة التعادل وخروج اليمن من كأس الخليج تحت 23.
مباراة بدأت بالقلق… وانتهت بالوجع
منذ دقائقها الأولى، بدت المباراة وكأنها تسير على حبل مشدود.
محاولات يمنية متدفقة، رغبة صادقة في تسجيل هدف مبكر، دفاع عماني متماسك، وأعصاب ترتجف مع كل كرة تُقطع أو تُعاد للخلف.
لكن الدقيقة 32 جاءت بما لم يشتهِ اليمنيون:
هدف عماني مباغت، هزّ توازن الفريق وأربك حساباته، وجعل ظهور الشمس في تلك الساعة يزداد حرارة على صدور اللاعبين.
ورغم ذلك، لم يسقط المنتخب.
عاد، قاوم، بحث عن الثغرة، وصنع أكثر من محاولة خطيرة حتى جاءت اللحظة المنتظرة في الدقيقة 62 حين سجل فيصل المعروفي برأسية لا تُرد، عانقت الشباك وأعادت الحياة إلى المباراة.
هدفٌ أعاد اليمن إلى دائرة الأمل…
لكن الأمل نفسه لم يكن كافيًا.
تحليل فني – المباراة تكشف قوة الإرادة وضعف التفاصيل
بعد هدف التعادل، تغيّر شكل اللعب لدى الفريقين:
أولًا: اليمن هجوميًا
كان الفريق أكثر جرأة بعد الدقيقة 60.
تحسّن الأداء في الأطراف خصوصًا من الطريقي وعباس.
اللمسة الأخيرة ظلت مشكلتنا الأكبر، رغم كثرة المحاولات.
دخول القشمي والبرواني أعطى حيوية، لكنها لم تتحول إلى فاعلية تهديفية.
ثانيًا: عمان دفاعيًا
تراجع منظم، مع زيادة الالتحامات البدنية.
منعوا العمق تمامًا، مما أجبر اليمن على التسديد من مسافات أبعد.
اعتمدوا على الهجمات المرتدة التي جاءت خطيرة في الدقائق الأخيرة.
ثالثًا: الجانب البدني
ظهر واضحًا أن اليمن استهلك الكثير من طاقته قبل نهاية المباراة:
ارتفعت أخطاء التمرير.
انخفضت سرعة الارتداد الدفاعي.
بينما بدت عمان أكثر نشاطًا في آخر ربع ساعة.
رابعًا: تفاصيل قتلت الحلم
خطأ تمركز واحد أدّى إلى هدف عمان.
ضياع فرصتين محققتين لليمن في الدقائق 77 من المعروفي و 89 من بن بريك.
حارس عمان أنقذ تسديدة الطريقي في لحظة كانت أقرب ما تكون لكتابة تاريخ جديد.
صافرة النهاية… وجرح لا يزال طريًّا
حين أعلن الحكم نهاية المباراة في الدقيقة 90+6، شعر الجميع بأن شيئًا ما انكسر:
انكسر حلم كان ينمو ببطء،
وانكسر جهد ثلاثة مباريات،
وانكسر ذلك الأمل الذي كان يقول إن اليمن قادر على بلوغ نصف النهائي لأول مرة.
هذه الأرقام لا تصرخ… لكنها تؤلم.
فاليمن لم يكن يستحق الخروج، بل دفع ثمن دقيقة ضائعة وهدف ناقص.
ما بعد الخروج… قراءة هادئة لأسباب الوداع
المنتخب يمتلك عناصر موهوبة لكنها تحتاج إلى ثبات ذهني أكبر.
غاب البديل الهجومي الحاسم الذي يُغيّر شكل المباراة.
تأخر المنتخب في التسجيل زاد الضغط على اللاعبين في آخر نصف ساعة.
ختامًا… اليمن لم يسقط، بل تعثّر وهو يتقدّم
نعم، خرجنا من البطولة…
لكننا خرجنا ورؤوس اللاعبين مرفوعة،
وخرجنا ونحن ندرك أن هذا الجيل يملك ما يكفي ليكتب مستقبلًا مختلفًا إن حظي بالدعم والاستقرار.
اليوم خسرنا بطاقة التأهل…
لكننا لم نخسر الإيمان بأن منتخب اليمن قادر على أن ينهض من جديد،
فالتاريخ لا يُصنع في ظهيرة واحدة… بل يُصنع عبر محاولات كثيرة، وهذا الجيل بدأ محاولته الأولى.